تمهيد
رغم أن للّغة الكردية تاريخاً عريقاً يمتد الى آلاف السنين فإنها تعد من اللغات الحديثة العهد بالتوثيق والدرس والتحليل وذلك لأسباب كثيرة لا تتسع لها هذه الدراسة، إذ أن تاريخ أقدم المعاجم الكوردية-العربية المطبوعة -على سبيل المثال- لا يزيد حسب علمنا على بضعة عقود من الزمان، وكذلك الحال بالنسبة الى كتب النحو الكوردي. ولهذا الأمر –بقدر ما يتعلق الأمر بموضوعنا- جانبان أحدهما سلبي وهو افتقار اللغة الكوردية الى المصادر والمراجع التي تبحث في قواعدها وتحيط بخزينها اللغوي، والثاني، وهو الإيجابي، يشير الى أن المجال ما يزال واسعاً أمام تأسيس علمي رصين لهذه العلوم وفق قواعد أكاديمية حديثة تستفيد من خبرة الشعوب الأخرى في هذا المجال، وتجنبها ما أصاب علوم اللغة عند غيرها من تعقيد وترهل وجمود. أضف الى ذلك أن اللغة الكوردية شهدت في السنوات الأخيرة –وما تزال- ما يمكن أن نسميه ثورةً أو انفجاراً كبيراً في الانتشار الأفقي (وأعني به هذا العدد الهائل من الكتب والمجلات والإذاعات والقنوات التلفزيونية ومواقع الانترنت الناطقة بالكوردية) والعمودي (استخدام اللغة الكوردية في مجالات علمية وثقافية وأكاديمية كانت حكراً على اللغتين الانكليزية والعربية أو اللغات الأخرى المجاورة وما تبع ذلك من تطور دفع الى ظهور واختراع واشتقاق واستعارة مفردات ومصطلحات ومختصرات ومعانٍ وأساليب لغوية جديدة تحتاج الى من يهذبها ويضبط إيقاعها ويتابع الجديد منها) وهذه المهمات تستدعي قيام واضعي المعاجم العامة والمتخصصة بمتابعة هذا التوسع وتحديث وتوسيع معاجمهم بصورة دورية.