في كل عصر محاولات لفهم الشعر ووضع القوانين التي ينبغي على الشعراء السير عليها والتي من
خلالها يميز الشعر من غيره، ويثري البحث في خصائص البلاغة الشعرية التي اختلف النقاد القدماء فيها، وفي مقدمة ديوان الحماسة لأبي تمام يستعرض شارح الديوان احمد بن محمد المرزوقي «421هـ» اختلاف النقاد العرب، ثم يعقب على ذلك بقوله «فإذا كان الامر على هذا فالواجب ان يتبين ماهو عمود الشعر المعروف عند العرب، ليتميز تليد الصنعة من الطريف، وقديم نظام القريض من الحديث».
فما هو عمود الشعر الذي يرى المرزوقي ضرورة معرفته؟ تعريف عمود الشعر
النقد العربي القديم ومنذ اواخر القرن الثاني الهجري في نظرته للشعر وضع قواعد شعرية انتظمت تماماً ابان القرن الثالث، كان يقصد منها ضبط الصناعة الشعرية ومساعدتها على بلوغ مرتبة جمالية سامية، ووضع طريقة محددة المعالم لجودة النظم، هذه القواعد او الطريقة المحددة المتمثلة عند العرب هي مايسمى بعمود الشعر.
اما قبل اواخر القرن الثاني فجل ما وصلنا من النقد البلاغي السابق لم يخرج عن كونه نظرات اولية وعبارات مختزلة مبعثها ذوق ادبي فطري، كالذي يروونه، مثلاً عن عمر بن الخطاب انه كان يفضل شعر زهير لخلوه من المعاضلة والحوشية، او كالذي يروونه عن نصيب انه انتقد بيتا للكميت لانه لم يراع فيه المواخاة بين الالفاظ.
عمود الشعر
في القرن الثالث الهجري
نشطت الابحاث الادبية في البلاغة وخصائصها ومازالت حركة البحث فيها تقدم حتى القرن الخامس وما يليه وبلغت اوجها، ومن اعلام هذا البحث: الجاحظ 250هـ وابن قتيبة 276هـ وقدامة بن جعفر 277 وأبا الحسن الجرجاني 266، والآمدي 370، وأبا هلال العسكري 395، والباقلاني 402، وابن رشيق 463، وابن سنان 466، وعبدالقاهر الجرجاني 471.
ثنائية اللفظ والمعنى
في القرن الثالث اسس الجاحظ الثنائية بين اللفظ والمعنى يقول الجاحظ «المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العربي والاعجمي، والقروي والبدوي، وانما الشعر صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير».
فالشعر العربي في خصيصة صياغته، وطريقة تشكيله وتقديمه، وان براعة الشاعر الخاصة هي الشكلية او الاسلوبية وفرادة الطريقة التي يتميز بها، ولم تعد اهمية للمعاني فهي ميسرة ومطروحة في الطريق.
اللفظ والمعنى عند ابن قتيبة
الفصل بين اللفظ والمعنى في الشعر ظهر عند ابن قتيبة ايضا حيث يقسم النص الشعري الى اربعة اضراب:
1 حسن لفظه وجاد معناه.
2 حسن لفظه وحلا، واما معناه فليس فيه فائدة.
3 جاد معناه وقصرت الفاظه.
4 تأخر معناه وتأخر لفظه.
والمراد باللفظ كل ما يتعلق بالصياغة او طريقة تشكيل المعنى والصور البلاغية والفنية، فهو هنا يفصل بين اللفظ والمعنى، وان المعاني كما يرى انها تتفاوت وانها ليست كما يعتبرها الجاحظ بانها «مطروحة في الطريق».
القول بثنائية اللفظ والمعنى في الشعر اضرت بالنقد الادبي عند العرب وادت الى الفصل الكامل بين شكل العمل الادبي ومحتواه، والنظر الى الصور الفنية، وكل اشكال الاسلوب باعتبارها من اشكال الزينة الطارئة على معنى سابق عليها.
وممن انتقد الفصل بين اللفظ والمعنى من النقاد عبدالقادر الجرجاني صاحب كتاب دلائل الاعجاز واسرار البلاغة، فقد اثبت مبدأين:
الاول: ان البلاغة لاتقوم على اللفظ بذاته ولا على المعنى بذاته بل على طريقة نظمها معاً في الجملة.
الثاني: ان النظم العالي لايعني مجرد الاجادة في رصف الالفاظ والعبارات كقول احدهم «لله درّ خطيب قام عندك يا امير المؤمنين: ما افصح لسانه، واحسن بيانه، وامضى جنابه، وابل ريقه، واسهل طريقه، او كقول الجاحظ «جنبك الله الشبهة وعصمك عن الحيرة، وجعل بينك وبين المعرفة نسباً، وبين الصدق سبباً، وحبب اليك التثبت وزين في عينيك الانصاف، الخ فهذا عند الجرجاني كلام حسن الرصف سبيل صاحبه في ضم بعضه الى بعض سبيل من عمد الى لآل فخرطها في سلك لا يبتغي اكثر من ان يمنعها من التفرق».
فالبلاغة عند الجرجاني لاتقف عند الاجادة في رصف الالفاظ.
فالشعر العربي في خصيصة صياغته، وطريقة تشكيله وتقديمه، وان براعة الشاعر الخاصة هي الشكلية او الاسلوبية وفرادة الطريقة التي يتميز بها، ولم تعد اهمية للمعاني فهي ميسرة ومطروحة في الطريق.
اللفظ والمعنى عند ابن قتيبة
الفصل بين اللفظ والمعنى في الشعر ظهر عند ابن قتيبة ايضا حيث يقسم النص الشعري الى اربعة اضراب:
1 حسن لفظه وجاد معناه.
2 حسن لفظه وحلا، واما معناه فليس فيه فائدة.
3 جاد معناه وقصرت الفاظه.
4 تأخر معناه وتأخر لفظه.
والمراد باللفظ كل ما يتعلق بالصياغة او طريقة تشكيل المعنى والصور البلاغية والفنية، فهو هنا يفصل بين اللفظ والمعنى، وان المعاني كما يرى انها تتفاوت وانها ليست كما يعتبرها الجاحظ بانها «مطروحة في الطريق».
القول بثنائية اللفظ والمعنى في الشعر اضرت بالنقد الادبي عند العرب وادت الى الفصل الكامل بين شكل العمل الادبي ومحتواه، والنظر الى الصور الفنية، وكل اشكال الاسلوب باعتبارها من اشكال الزينة الطارئة على معنى سابق عليها.
وممن انتقد الفصل بين اللفظ والمعنى من النقاد عبدالقادر الجرجاني صاحب كتاب دلائل الاعجاز واسرار البلاغة، فقد اثبت مبدأين:
الاول: ان البلاغة لاتقوم على اللفظ بذاته ولا على المعنى بذاته بل على طريقة نظمها معاً في الجملة.
الثاني: ان النظم العالي لايعني مجرد الاجادة في رصف الالفاظ والعبارات كقول احدهم «لله درّ خطيب قام عندك يا امير المؤمنين: ما افصح لسانه، واحسن بيانه، وامضى جنابه، وابل ريقه، واسهل طريقه، او كقول الجاحظ «جنبك الله الشبهة وعصمك عن الحيرة، وجعل بينك وبين المعرفة نسباً، وبين الصدق سبباً، وحبب اليك التثبت وزين في عينيك الانصاف، الخ فهذا عند الجرجاني كلام حسن الرصف سبيل صاحبه في ضم بعضه الى بعض سبيل من عمد الى لآل فخرطها في سلك لا يبتغي اكثر من ان يمنعها من التفرق».
فالبلاغة عند الجرجاني لاتقف عند الاجادة في رصف الالفاظ.
الإبتساماتإخفاء